Wednesday, May 23, 2007

دين جديد ...


الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن وآلاه...

(جَمَعَ) المتفرق , جمع جمعاً : ضم بعضه إلى بعض. وجمع الله القلوب : ألفها. ويقال جمع القوم لأعدائهم: حشدوا لقتالهم وفى القرآن الكريم :(إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ) [آل عمران : 173] والإسلام دين الجماعة قد أتى ليجمع بين الناس ولا يفرقهم أحزاباً وشيعاً فنأمر بالمعروف وننهى عن المنكر دون ان نتفرق ولا نفعل كالذين تفرقوا من بعد ما جائهم العلم يقول تعالى : وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ [آل عمران : 105] , ويقول سبحانه : َأنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ [الشورى : 13] وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ [الشورى : 14].

أما الأمة التى منيت بالتفرق والتشتت لايحق لها أن تمكن فى أرض الله , فيسلط عليها الأجانب وتكون محكومة تابعة مستعبدة , وتحرم حق اتباع النظام السياسى الذى تفضله وتنفيذه وإقامته , و فى الأخرة لهم عذاب عظيم.

والعالم كله يتسائل .. ما الذى يفعله الفلسطينيون فى أنفسهم ! الأختان فتح وحمــاس - المسلمتان - هل اصابهم الجنون ؟ أم تظن الأخت أن الأخرى من الكافرون ! أم هم بحب السلطان مفتونون ؟ أم لعدوهم المحتل متناسون ؟ , فجمعوا لبعضهم البعض واخذوا النية على قتال انفسهم .. فبين العالم ضاعت قضيتهم ..فأهلها تركوها فما بال غيرهم ! , ألم يعلموا قول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا تواجه المسلمان بسيفيهما، فالقاتل والمقتول فى النار" يا رسول الله!هذا القاتل.فما بال المقتول؟ قال "إنه قد أراد قتل صاحبه" فبدلاً من أن نجاهد فى سبيل الله اصبحنا من اهل النار ولا حول ولا قوة إلا بالله !

والأمر نفسه فى العراق فما استطاع ان يحكمهم إلا صدام الذى قتل منهم مئات الألاف حتى تسكن البقية ! فقد تحولوا إلى عدة جيوش صغيرة , ليست على بلادها بأمينة , وباعوا دينهم بثمنا قليلا ! يتقاتلون بمدافع الهاون والقنابل والسيارات المفخخة , شيعة وسنة فهذا شيعى من قوات المهدى يحرق كل السيارات التى تقف أمام منشأة حكومية محلية ,و هذا سنى يفجر سيارة مفخخة محملة بغاز الكلور السام فى سوق شيعى , ما الذى يحدث لكم يا أهل العراق ! أليس لكن عدواً تحاربونه فحاربتهم أنفسكم ! تكالبوا على انفسكم فالعراق سترثُها الولايات المتحدة بعد إنقراضكم قريبا.

لقد عرف الغرب اعدائهم من قديم الزمان , واصطنعوا لنا عدوا من انفسنا , فصاروا يقاتلوننا ونحن نقتل انفسنا , واصبح العدو واحد للعالم كله هو الإسلام والمسلمون ! ويحسب المقتول منا نفسه شهيداً ! وفى الحقيقة هو من الأخسرين أعمالا (الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً) فلا يقيم الله لهم يوم القيامة وزناً ولذلك حين تدعوهم للعودة لدينهم والإنشغال بطاعة ربهم , عن قتال بعضهم ويؤمنوا كما آمن الناس (قَالُواْ أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاء) !! يقول ربنا : (أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاء وَلَـكِن لاَّ يَعْلَمُونَ ) فعبدوا شهواتهم مثلما عبد قوم سيدنا موسى العجل فنقول كما قال سيدنا موسى : ( وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاء مِنَّا إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَاء وَتَهْدِي مَن تَشَاء أَنتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ).

يقول الله فيمن أتخذ إلهه هواه :

أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً [الفرقان : 43]

لَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَـكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث [الأعراف : 176] وذلك واضح من دعوة الحكومات العربية لتوحيدهم ولم يتغيروا وبالأخص الوفد المصرى فى فلسطين المحتلة الذى تعرض للمخاطر أكثر من مرة وقرر وزير الخارجية احمد ابو الغيط ان الوفد المصرى سيظل هناك إلى أن تُحل المشكلة وكذلك الحكومة السعودية حيث اقاموا هناك معاهدة مكة ولم يلتزم فتح ولا حماس بها الأن!

فتشعر بأن هناك قوة اخرى تحركهم غير قوة الحكومات من حولهم وغير قوة العقل ...وغير قوة الشيطان لأن ( كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً) و لكنها الشهوات والهوى التى ناموا وماتوا فيها كما قال الأستاذ محمد ابو كريشة بجريدة الجمهورية (ان الأمة العربية ماتت ولم تشبع موتاً )!

نريدهم ان يكرهوا الحالة التى هم فيها , ويستيقظوا حتى ننصحهم , يقول دكتور على جمعة فى شرح منازل السائرين اول قسم فيه (البدايات ) واول باب فى البدايات (اليقظة): "أن خطاب الميت او النائم او المجنون أو الصبى ليس له فائدة , يقول عنه العلماء (خطاب المحال ) أولا لأن هناك حائل بينك وبينه وهو الحالة التى هو عليها ,وثانيا انه يستحيل ان تصله رسالتك فهو محال من (الحائل ) ومن (المستحيل)".

اما عن حال بلدنا الغالى مصر فلا نريد ان نصنع فلسطيناً صغيراً أو عراقاً جديداً ونخلق الفتنة فى بلادنا بأيدينا , فطاعة ولى الأمر واجبة ولازمة إلا أن يأمرنى بمعصية , لأن غير ذلك من شأنه ان يكون ذريعة للفتن والحروب الأهلية كما نرى من حولنا الأن , وقد ورد الكثير والكثير من الأحاديث النبوية التى تأمر بذلك نذكر منها ما ورد فى صحيح البخارى عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (مَنْ كَرِهَ مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا فَلْيَصْبِرْ فَإِنَّهُ مَنْ خَرَجَ مِنْ السُّلْطَانِ شِبْرًا مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً)

وفى شرح قاضى القضاة الإمام ابن حجر فى كتابه فتح البارى فى شرح البخارى :

قوله (فإنه من خرج من السلطان) أى من طاعة السلطان.

وقوله (شبرا) بكسر المعجمة وسكون الموحدة وهى كناية عن معصية السلطان ومحاربته...

وليس النهى عن المحاربة فقط , ولكن مجرد المعصية...

واخيرا :

قال ابن بطال: فى الحديث حجة فى ترك الخروج على السلطان ولو جار، وقد أجمع الفقهاء على وجوب طاعة السلطان المتغلب والجهاد معه , وأن طاعته خير من الخروج عليه لما فى ذلك من حقن الدماء وتسكين الدهماء، وحجتهم هذا الخبر وغيره مما يساعده، ولم يستثنوا من ذلك إلا إذا وقع من السلطان الكفر الصريح فلا تجوز طاعته فى ذلك بل تجب مجاهدته لمن قدر عليها كما فى الحديث الذى بعده.

والحديث الذى بعده :

( قَالَ دَعَانَا النَّبِى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَايَعْنَاهُ فَقَالَ فِيمَا أَخَذَ عَلَيْنَا أَنْ بَايَعَنَا عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِى مَنْشَطِنَا وَمَكْرَهِنَا وَعُسْرِنَا وَيُسْرِنَا وَأَثَرَةً عَلَيْنَا وَأَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ إِلَّا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ مِنْ اللَّهِ فِيهِ بُرْهَانٌ )

و حتى لا ندع مجالا لتكفير أحد :

قال ابن عابدين فى حاشيته:الكفر شرعا:تكذيبه صلى الله عليه وسلم فى شىء مما جاءبه مما هو معلوم من الدين بالضرورة.

حكمه:نسبة أهل الكفر إلى كفرهم لا شىء فيه ، أما نسبة المسلم إلى الكفر فإنه يدور بين حكمين:

أحدهما:التحريم ، وذلك إذا كان المسلم باقيا على إسلامه ولم يقم دليل على كفره لقوله تعالى:{يا أليها الذين آمنوا إذا ضربتم فى سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا) النساء:94.

ولقوله صلى الله عليه وسلم:(من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا فهو المسلم ،له ما لنا وعليه ما علينا) .

وقوله:(إذا قال الرجل لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما ، فإن كان كما قال والا رجعتا عليه).

ثانيهما:الوجوب وذلك فى حق من صدر عنه ما يكفره ممن له صلاحية إصدار الحكم كالإفتاء والقضاء لمصلحة شرعية معتبرة تترتب على الحكم بتكفيره.

وبس.