Saturday, June 30, 2007

تعرت ذ ُكاءْ




الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن وآلاه ....

في موضوعي السابق اتيت بجزء من رائعة معلمتي الشاعرة بلقيس الجنابي :( تعرت ذ ُكاءْ) ولكن البعض لم يستطع فهمها كلها , ربما لما ورد فيها من الفاظ ليست لأذهان بعضنا بمعروفة , وصوراً واستعارات ليست للجميع بسهلة و مألوفة , ولو انها من بستان اللغة العربية مقطوفة , وللمتعمق والمدقق فى معانيها ظاهرة و مكشوفة , فحاولت شرحها بالعام من الكلام , لتقريب تلك المعانى إلى الأفهام , منتظرا التعليق والإضافة من الزائرين الكرام , وتلك مقدمةٌ كتبتها على اثر السابقون العظام , ومن بدونهم لكانت الدنيا فى ظلام , ببركة النبي وآله عليهم أفضل الصلاة وأتم السلام.

قبل أن تأتى بلقيس بقصيدتها وصفت الجو النفسي الذى كانت فيه والطابع الحسى الذي تأثرت به حتى تكتب تلك الكلمات الروائع فقالت
:

جزيرة ماوي، من جزر هوايي، شهدت كاتبة هذه الأبيات منظرا نادرا وباهرا فقد كان قرصُ الشمس ِ يميل نحو الغروب بينما انتشرت نـُتـَفٌ من السحب المتفرقة نثر بعضُها على شواطئ البحر الزرقاء والحقول الخضراء، رَذاذا ناعما، في مساء رقَ نسيمُه وامتزجت ألوانُ تلك الغيمات السمراء ِ والثلجية، بلون أشعة شمس ذهبية فلوَّنت القـُبة َ السماوية، بألوان لازوردية وبنفسجية، متنوعةٍ ورائعةٍ، تتغير بين لحظةٍ وأخرى وما كاد قرصُ الشمس ِ الذهبي يدنو نحو حافة الأفق ِ الغربي حتى ظهر في الأفق الشرقي، هلالٌ شاحبٌ في يومه الثاني أو الثالث، تتبعه نجمة ٌ متألقة وهكذا ولـِدَتْ هذه اللوحة ُ الشعرية ...

قبل ان نبدأ فى القصيدة نريد القول بأن القصيدة تدور حول وصف تلك اللوحة الفنية الربانية التى امامها , وتصوير ما فعلته الشمس فى الكون من حولها وقد اسمت الشمس " ذُكاء" كما فعل المتنبي من قبلها.
قال المتنبي مادحاً أبا عليّ هرون بن عبد العزيز الأوراجى الكاتب , وكان من الصوفية , فستخدم له الإشارات فى مدحه كما أعتاد الصوفية فقال :

أمِنَ أزْدَيَارَكِ فيِ الدُّجَى الرُّقَبَاءُ ... إِذْ حَيثُ أنْتِ مِن الظّلامِ ضياءُ
قَلَقُ الْمليِحَةِ وَهيَ مِسكٌ هَتْكُهاَ ... ومَسِيرُهَا في اللَّيل وهَى ذُكاءُ

فمعنى البيت التانى : ان ملاحتك وحلاوتك مثل المسك إذا تحركت فاحت رائحتها وانتشر عبيرها , وهى كالشمس فإذا سرت ليلا رآها الناس.

قالت بلقيس :

تعرت ذ ُكاءْ وأحنتْ على لـُجةٍ من ضياءْ

وصلتْ بمحراب كون ٍ خضيـبْ سَـقـتهُ الملائكُ خمرا ً وماءْ

وسبحت الله َ في عرشهِ وغـنـَّتْ له أغنيات العلاءْ

فألقى على فرعِـها نظرة ً علتْ وجـهَـهَـا حـُمرة ٌ من حياءْ

***

تقول : بدأت الشمس فى المغيب عن الأعين وقد بعثت عطفاً وحنيناً إلى البحر وشواطئه بضيائها , وقد نثرت أشعتها على الأراضى والحقول الخضراء التى ما إن تراها حتى تأخذك إلى عالم من السحر و الرقة والجمال , فكأنما تسبّح الله وتُظهر لنا عظمة مخلوقاته , فتبارك الله احسن الخالقين. و ينظر الله إليها فتزداد خجلا ويحمر وجهها حياءً من الله ...
---------


تعرَّتْ ذ ُكاءْ وفكـَّتْ ذوائِـبـَها في السماءْ

فهامَ السحابُ على وجههِ وأدمى جفونا ً ببحر البكاءْ

فحنت ذ ُكاءْ ، وأهدتْ له حُـلة ً من سناءْ

ورقتْ لحبٍّ ذوى واكتوى فجادتْ عليه بوعد ٍ الوفاءْ

***
فظيعة الأبيات دى...
فتزداد الشمس غيوبا وإفتقارا لربها , فتذيب نورها وتنشره فى السماء , وما إن يرى السحاب ذلك المنظر الساحر فيشغف حبا ويهيم بها لا يدري إلى أين يذهب , وقد أمتلأ إحمراراً تأثراً بها واضفى لون حمرته على الماء هى الأخرى فتزداد الشمس عطفا عليه وتهديه ثوبا من العلو والكبرياء , وتزداد رقه لفيض حبه الذي قد أضعفه وكواه فتتكرم عليه وتقدم له وعدا بالوفاء له وبأنها ستحفظ حبه أبدا ولن تنساه ...
---------


تعرتْ ذ ُكاءْ وماجت على موجةِ الأرجوانْ

وغاصتْ ببحر ِ النـُضار العميقْ وأغفتْ على زورق ٍ من جُمان

فشع صِباها على كوكبٍ يُعانِقه الليلُ عـَبرَ الزمانْ

***

فتبتعد الشمس أكثر وتشتد حمرتها فتكون مثل زهرة الأرجوان الشديدة الحُمرة مع روعة وحسن منظرها , فتلامس ماء البحر بصفائه وعمقه وتنام عند قارب من اللؤلؤ فتزيده سحرا ولمعاناً , و قد قل ضياها ونورها على عن تلك اللوحة الفنية وبدأ الليل فى الظهور أكثر وأكثر كلما مر الوقت.
--------


تعرَّتْ ذ ُكاءْ وأرخت جدائلـَها بازدهاءْ

وغطتْ جوانبَها بالعقيقْ لأن عُـيونَ الهلال الصفيقْ

رَنـَتْ نحوها تحتَ جُـنح المساءْ

فألقتْ شعاعا ً على فرعهِ تداعـِـبـُه بلظى من بهاءْ

***

ويمر الوقت وتبدأ الشمس فى الإختفاء وقد تركت ضفائرها بتهاون فعندما نظر إليها القمر وقد بدأ فى الظهور مع مجئ الليل , تغطت هى بالعقيق الأحمر خجلا منه وهرباً من نظراته , ثم داعبته بشعاع منها قد القته عليه فى حسن ودلال. ---------


تعرَّتْ ذ ُكاءْ وراحتْ تصفـفُ شعرا ً ذهبْ

أطلت على ربْـعها غـيمة ٌ وذرتْ رَذاذا بلون اللهبْ

ْفصار الرذاذ ُ على شعرها نـُثارَ جواهرَ؛ يا للعجب ْ !

تسامتْ ذ ُكاء وماستْ على بحر طِـيـبْ
***

ومازالت تختفي عن الأنظرار وهى تصفف شعرورها الذهبية اللامعة , فمرت أمامها سحابة فأخفتها وقد ظهر خلفها ضوء الشمس خافتا مثلا الرذاذ ولكنه بلونٍ ذهبى غاية فى الجمال , فما أعجب هذا المنظر فكأنما هو جواهر منثورة على شعرها الجميل , ثم اقتربت اكثر واكثر من ماء البحر الصافى وتسامت فى رقة وحنان. ---------


فنادى عليها هلالُ المغيبْ:

" حنانيك، إني أموتُ جوىً فسِحْـرُك باتَ غِـذاءَ دميْ

،تعاليْ فحُـبـُـكِ مِـلءُ فميْ

"فحطتْ على صدرِها كوكبا ً وألقت له حفنة ً من ضياء ْ

وغاصتْ ببحر من الكبرياءْ

وصار ضياها سنا ً رائعا ً وآوت إلى خِدرها في إباء
*****

فناداها القمر بعدما غابت طالبا منها ان ترحمه وتسقيه من حنانها ,فإنه يُعذب ويشتد شوقا وحزنا من فراقها , بعدما قد سحرته بجمالها واصبح سحرها غذاءً له , وقد ملئه حبها , فغابت الشمس عنه بعد ان ألقت له لمعة من ضياءها والذى كان فى تلك الليلة شيئا عظيماً عالياً مرتفاً ذهبت بعده هى إلى بيتها فى عزة وإباء.


ألقت بلقيس الجنابي قصيدتها هذه فى مؤتمر الثقافة والتراث العربي فى مبنى الأمم المتحدة فى وجود الشاعر الكبير والأمير خالد الفيصل والذى لقبها بلقب (خنساء العرب) بعد سماعه تلك القصيدة.

Tuesday, June 26, 2007

بلقيس وتلميذها ...


الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن وآلاه

احترت كثيرا .....
قصدى كنت محتار (اصل ناوى اكتب بالعامية الناهردة )
كنت محتار قوى اكتب فى إيه بصراحة
------

افتكرت انى زمان كدة من ييجى 6 شهور جربت أكتب شعر...
وكنت بحب قوى الشعر الفصحى ...
وكنت بقرأ للمتنبى فى ديوانه كتير ...
والأهم من دة كله انى كنت بتعلم الشعر اون لين عن إيد شاعرة اسمها بلقيس
بلقيس: اخت كبيرة شوية عراقية الأصل تعيش مع زوجها وابنائها فى الولايات المتحدة
لكنها لم تنسى لغتها , بل قلما تجد عربيا فى فصاحتها وبلاغتها... نمسك الخشب
-------

لن اتكلم على قلبها الطيب
ولا عن رقتها
ولا عن عشقها للعراق اعاده الله لأهله إن شاء الله

ولا عن حبها الشديد لمصر
ولن اتكلم عن مسارعتها لعمل الخير
ولا انها تعاملنى كأخ صغير لها
ولا حاجات تانية كتير...


لكن اقدر اذكر من كتاباتها :

جزء من قصيدتها " تَعَرَتْ ذ ًكاءْ "

تعرت ذ ُكاءْ وأحنتْ على لـُجةٍ من ضياءْ

وصلتْ بمحراب كون ٍ خضيـبْ سَـقـتهُ الملائكُ خمرا ً وماءْ

وسبحت الله َ في عرشهِ وغـنـَّتْ له أغنيات العلاءْ

فألقى على فرعِـها نظرة ً علتْ وجـهَـهَـا حـُمرة ٌ من حياءْ

*
*

تعرَّتْ ذ ُكاءْ وفكـَّتْ ذوائِـبـَها في السماءْ

فهامَ السحابُ على وجههِ وأدمى جفونا ً ببحر البكاءْ

فحنت ذ ُكاء , وأهدتْ له حُـلة ً من سناءْ

ورقتْ لحبٍّ ذوى واكتوى فجادتْ عليه بوعد ٍ الوفاءْ


....


من كتاباتها أيضا :

وأهرب منك ولكن اليك

واشطر قلبي الى خافقين

فنصف يشط ليبحث عنك

ونصف بصدري كواه الحنين

فشكَي فيك ملاذي اليك

لأني من الشك ألقى اليقين



ياريت ياريت تسمعوها بالعود رائعة من هنا


تذكرت كل دة وغيره فحاولت اكتب حاجة بسيطة زى زمان :

أتذكرا أن كنتْ طفلاً من سنينا

أعصى وعند كتابى حصناً حصينا

بلغتُ حُلماً فيكتب الملكان عملى

وما تركوا فمِن ذي عدلٍ عادلينا

فذا شمالٌ يكتب كثيرات المعاصي

وإن فعلت حسنةً فلذي اليمينا

فخضتُ فى عِرضِ هذا وذاك

وضاع العُمر بين اللاعبينا

احيا لشهوة فأطيع نفسي

و على نعماء ربي ما كنت أمينا

احب رسول الله واهل بيته

والصحابة و لست من المقتدينا

فكنت كحاملا على كتفيّ ذهباً

ولا أمشى إلا طريق طينا


أخاف إن يوما جاء أجلى


ولم اُحسن ولم أسجد كالساجدينا


واسف جدا للإطالة

Wednesday, June 13, 2007

اول خطوة ...



الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله , وآله وصحبه ومن وآلاه ...

اولا - وهذا ليس موضوعنا- ادعو الناس لعدم الإطالة فى مدوناتهم حتى لا يشعر القارء بالملل , ولو انى افعل ذلك ولكن إن شاء الله احاول الإيجاز والبيان بدون إطالة وهو إبداع فى حد ذاته , ومن البلاغة التى اشتهر بها العرب فيعبرون عن المعانى الكبيرة بكلمات معدودة , وليس هذا بالأمر الهين البسيط ولكن إن دل فيدل على الإحاطة بالفكرة التى يعرضها وباللغة والفاظها وخباياها , ولا ننكر البلاغة والجمال فى الإطناب والإطالة ولكنها مشروطة ومعلقة بضوابط بلاغية ,,, واسف للإطالة.

عندما يتذكر المسلم ربه وحقه عليه ونعمائه اللانهائية , ويعلم عجزه وقصوره عن حمد وشكر هذه النعم التى لا تعد ولا تحصى , فالبصر نعمة وان يأخد الله منك حبيبتيك - اى عيناك- نعمة أعظم حيث قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : (ما من عبد صالح أخذت منه حبيبتيه -أي عينيه- فصبر إلا عوضته عنهما الجنة) وهل لكل ما نفعله فى الحياة سبب غير الرغبة فى الجنة ؟ , فإن أعطاك فهو خير لك وإن اراد ان يتجلى لك بأسمه "المانع " فهو خيرا كذلك , ولتعلم ايضا أن هذا الشعور بنعم الله والعجز عن شكرها هو نعمة تستوجب الشكر , فكلما شكرت انت بحاجة لشكره ان يسر لك ان تشكره , فمن لم يشكر فهو منكِر لنعمة الله وكافر بها وتلك كارثة حفظك الله منها.

وتفكرت ايضا فوجدت جنايتى عظيمة وذنبي كبير , فكيف يمن الله عليّ بكل هذه النعم فى مقابل ان اصونها فلم اصونها , وفى مقابل تجنب محرمات ليست بالكثيرة فلم أفعل , بل وجهرت بمعصيته , وتفاخرت بها , ثم نسيتها واتبعتها بغيرها , ثم اشغل نفسى بعيوب غيرى وقد أمتلأت عيوبا! سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس ) فمرة انقض هذا ومرة اذكر عيب هذا كأننى خاليا من المعاصى والعيوب وقد قال ايضا رسول الله : (يبصر أحدكم القذاة في عين أخيه وينسى الجذع في عينه) فقد يكون ذنب غيرى هذا بسيط فيغفر الله له بصلاته او وضوءه اما انا وقد استهترت بمعصينى ونسيته فكبرت وعظمت فأدخل بها النار.

والوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك , فالساعة التى مضت لا ترجع والعمر الذى قد انقضى , ضاع ولن يعود لأستثمره فيما يرضى الله لكنه ضاع فى المعاصى والباقى وهو فى ذاته نعمه من نعم الله فإن ضاعت فى غير رضا الله وفى غير عمل مفيد فلن تعود وقد خسرتها للأبد ؛ روى أن الجنيد رآه بعض اصحابه مهموما فسأله عن السبب فقال : فاتنى ورد من أورادى . فقال له صاحبه : أقضه .. فقال : كيف اقضيه والوقت مشغول بأهم منه ؟ وفى وصيته للسهروردى : لا تحل إلى غد شغل يومك فإن كل يوم آت بمشاغله فلعلك لا تلحقه .. فجد فى السير ولا تؤخر عمل اليوم إلى الغد واستغل الفرصه التى أنت فيها فلعلها لا تعود.. وقد قال ابو سليمان الدارانى : لو لم يبك العاقل فيما بقى من عمره إلا على فوت ما مضى فى غير الطاعة لكان خليقاً ان يحزنه ذلك إلى الممات , فكيف بمن يستقبل ما بقى من عمره بمثل ما مضى من جهله ؟!

وانا اترك كل هذا وانقض الناس ونسيت إصلاح نفسى فهو الأولى وإن أصلحت نفسى اولا فعليّ ان اُصلح غيرى بعد ذلك , فما بالك بتذكر عيوب الناس ونسيان عيوبى , ينبغى ان استيقظ واترك ما انا فيه وإلا فعملى لن يدخلنى الجنة ابدا ابدا يقول الإمام الشافعى :

يا أيــــها الرجل المعلـــــم غيــــــره .... هلا لنفـســــــك كان ذا التعليم

تصف الدواء لذي السقام من الضنا.... كيما يصح به وأنت سقـيـــــــــم

لا تــــــــنه عن خلقٍ وتأتي مثــــــله ....عار عليك إذا فــــــعلت عظيــم

أبدًا بنفــسك فانهها عن غيـــــــــــها.... فإذا انتهت عنه فأنت حكــــــيم

فهنـــــاك يقبل ما تقــــــــول ويقتدى .... بالقول منــــك وينـفــع التعليم

وبس.